جهة وحيدة فقط تستطيع عزل رئيس الجمهورية.. الرئيس السوري يوقع على الدستور السوري الجديد

في المجتمعاتِ التي تحاولُ إعادةَ بناءِ نفسِها من جديد والانتقالَ من تاريخٍ عنيفٍ يتّسمُ بانتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان ارتُكِبَت في سياقِ ممارسةِ القمعِ أو في سياقِ نزاعٍ مسلّح أو غيرِ ذلك من السياقاتِ الأخرى، تبرزُ تساؤلاتٌ بالغةُ الأهمية تتناولُ كيفيةَ الاعترافِ بالانتهاكاتِ ومنعِ تكرارِها، وتلبيةِ مطالبِ العدالة واستعادةِ نسيجِ المجتمعاتِ المحليةِ الاجتماعي، وبناءِ سلامٍ مستدام.
والعدالةُ الانتقاليةُ هي النظامُ الذي يسعى إلى بذلِ كلِّ ما يلزمُ كي تنجحَ المجتمعاتُ في التعاملِ مع مثل هذا الإرث الصعب، وتُطوّرُ أدواتٍ مختلفةً من أجل تحقيقِ هذه الغاية.
ولأنَّ الشعبَ السوري وقعَ ضحيةَ أكبرِ انتهاكاتٍ موثقةٍ في التاريخ المعاصر كان لابد من النصِّ على العدالةِ الانتقالية التي هي مطلبُ كلِّ السوريين بشكلٍ عامٍ ومطلبُ السوريين في مؤتمرِ الحوار الوطنيِّ بشكل خاص.
وقد جاءت دسترةُ العدالة الانتقالية في مادتين الأولى مَهّدت الأرضيةَ المناسبةَ لتحقيق العدالةِ الانتقالية من خلال مجموعةٍ من الإجراءات، منها إلغاءُ القوانينِ الاستثنائية، وإلغاءُ مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرةِ عن محكمةِ الإرهاب وإلغاءُ الإجراءاتِ الأمنية الاستثنائيةِ المتعلقة بالوثائق المدنيةِ والعقارية.
وقد انفردتْ مادةٌ بإحداثِ هيئةٍ لتحقيقِ العدالةِ الانتقالية تعتمدُ آلياتٍ فاعلةً تشاوريةً مرتكزةً على الضحايا، لتحديدِ سبلِ المُساءَلة، ومعرفةِ الحقائق، وإنصافِ الضحايا والناجين، بالإضافةِ إلى تكريم الشهداء.
وتم تحديدُ المرحلةِ الانتقالية بخمسِ سنواتٍ أسوةً بكثيرٍ من الدول التي خرجت من صراعٍ داخليٍ أو خارجي، وإنَّ ما مرت به الدولةُ السورية من خرابٍ ودمارٍ يفوقُ بكثيرٍ ما كان عند الدول الأخرى لذلك لابدَّ من إعطاءِ الوقتِ الكافي لإنشاءِ بيئةٍ آمنةٍ ومحايدة.
وتوصي لجنة صياغة الإعلان الدستوري بضرورةِ تشكيلِ لجنةٍ لكتابة دستورٍ دائمٍ، وإننا نختم في هذا المجال بالقول:
إنَّ الثورةَ تتخلدُ بمقدارِ ما تَصنعُ من مبادِئَ قانونية، تتركُ أثرَها للأجيالِ القادمة، هذا الأثرُ القانونيُ يبقى وفعلُ التمرّدِ يزول، فإذا ما أخذنا أيَّ حركةٍ ثوريةٍ فإننا سنجدُها تخلّدت بآثارِها القانونية، لتبقى الأجيالُ تذكرُها وتعملُ بمبادئِها، ومهما كان حجمُ التمرد وما رافقَه من عنفٍ فهو يُدرسُ كحالةٍ تاريخيةٍ سابقة، أما الأثرُ الدستوريُ فهو يُدرَسُ كحالةٍ سابقةٍ وحاضرةٍ ومستقبليةٍ يمكنُ البناءُ عليها.
وعلى كلِّ ما ورد في هذه الإحاطة، من تبيانٍ أو تفصيلٍ أو تكثيف، فإننا نرجو أن تكونَ مُسوّدةُ الإعلان الدستوري، رافعاً ناهضاً ومعيناً، للدولة السورية أرضاً وقيادةً وشعباً، في هذه المرحلة الانتقاليةِ المُمهِّدةِ لمزيدٍ من الاستقرارِ وإعادةِ بناءِ الوطن والحياة إن شاء الله.